خطاب رئيس الجمهورية في تركيا

خطاب صاحب الفخامة الفريق محمد إدريس ديبي إتنو، رئيس المجلس العسكري الانتقالي، رئيس الجمهورية، رأس الدولة، بمناسبة لقائه مع نظيره التركي رجب طيب أردغان، واللقاء الموسع لوفدي البلدين. ( أنقرة بتاريخ 27 أكتوبر 2021 ).

– صاحب الفخامة السيد الرئيس رجب طيب أردغان

                 السادة والسيدات الوزراء

أود قبل كل شيء أن أعبر باسم وفدي وباسمي الخاص، لفخامتكم بخالص شكرنا وعظيم عرفاننا لدعوتكم الكريمة التي قدمتموها لنا لنقوم بزيارة رسمية لبلدكم الكبير، حيث إن تركيا وتشاد تربطهما بعمق علاقات صداقة وتعاون. 

أود أيضا، أن أتقدم لكم، ولحكومتكم وللشعب التركي  ببالغ امتناننا  وخالص تقديرنا على الاستقبال الحار الذي حظيت به والوفد المرافق لي منذ وصولنا إلى أنقرة.

وأيضا، أود أن أنقل للسيد الرئيس والصديق الكبير والعزيز لتشاد، امتنان وعرفان الحكومة والشعب التشادي على التضامن الواضح والمواساة اللذين أظهرتموهما بعد وفاة مشير تشاد إدريس ديبي إتنو، حيث أرسلتم وفدا رفيع المستوى وشارك في تشييع جثمانه.

  في هذا الإطار، يحضرني بأن أذكر بأنكم أول رئيس دولة يتصل بي لكي يواسينا. لقد تأثرت كثيرا بهذه البادرة التي تترجم الإخلاص و الارتباط القوي مع الرئيس الراحل. سأبقى للأبد ممتن لكم.

أقدر بعمق العلاقات المتطورة بين بلدينا بفضل الجهود المشتركة لفخامتكم مع خلفي، الراحل إدريس ديبي إتنو. أطمئنكم، السيد الرئيس وأؤكد التزامي ببذل كل ما بوسعنا لتطوير هذا التعاون المثالي بين بلدينا وشعبينا.

أنتهز هذه الفرصة السعيدة، لأشيد بالتعاون المتميز، بين بلدينا، والذي ما فتأ يتوسع  ويقوى أكثر وفقا لتطلعاتنا الكبيرة.

السيد الرئيس،

إن تشاد وتركيا تربطهما علاقات أزلية  تعود إلى القرن السادس عشر. منذ ذلك العهد البعيد، كانت تركيا ترسل مبعوثين وسفراء إلى مختلف ممالك تشاد. هنالك آثار تؤكد اليوم، هذا الحضور التاريخي لتركيا في عمق تشاد، مثلا هناك حديقة بأبشه تحمل اسم ( حديقة ترك).

خلال السنوات الأخيرة ، إن علاقاتنا الثنائية قد توسعت وتنوعت لتشمل بشكل كبير عددا من المجالات الحيوية. فاليوم أصبحت نشطة أكثر من أي وقت مضى، فهي قائمة على معادلة مبدأ الربح بالمثل.

إن هذه الزيارة تعد أول زيارة لشخصنا، ولها أهمية كبيرة، لأنها تترجم عزمنا الأكيد لتطوير صلات الصداقة والأخوة أكثر بين شعبينا الشقيقين، وإعطاء دفعة لتعاوننا الثنائي، الذي ازدهاره لا ينضب وفقا لما يذخر به بلدانا.

السيد الرئيس،

ما بين عام 1989 و 2019 ، قد تم التوقيع على أكثر من عشرين اتفاقية، وبروتكولات، ومذكرات تفاهم. المجالات التي تشملها هذه الاتفاقيات متعددة ومتنوعة. أذكر

منها: النقل الجوي، الدفاع، البنية التحتية، الأمن، التكنولوجيا، الطاقة، المياه، الترقية والحماية المتبادلة للاستثمارات الاعفاءات الجمركية المتبادلة المفروضة مضاعفة في مجال الضرائب على الدخل، التعليم العالي والبحث العلمي، الصحة، التربية والثقافة، الشباب والرياضة، الإعلام السمعي البصري، التعاون الأكاديمي بين الجامعات، الإلغاء المتبادل للتأشيرات لحملة جوزات السفر الدبلوماسية، على سبيل المثال لا الحصر.

                 على كل، حوالي عشر من هذه الاتفاقيات لم تفعل بسبب المصداقة أو غير ذلك. هذه الجوانب  الفنية كانت مثارا لمناقشات بين وزارتي بلدينا المكلفتين بالشؤون الخارجية اللتين اجتمعتا تزامنا مع هذا اللقاء، لقاء القمة.

على كل حال من الأحوال، من المقرر أن نشير إلى أن التقدم في التعاون هو أكثر أهمية من الصعوبات التي قطعت. المصلحة تزداد أكثر فأكثر، وتظهر من جانب إلى آخر، لتوسيع دائرة التعاون في مجالات جديدة هو دليل قاطع.

يحضرني في هذا الصدد أن أحيى الجانبين الموقعين، خلال زيارتي الحالية، على مشاريع اتفاقيات جديدة متعلقة بمسائل ذات مصلحة مشتركة. هذه الحيوية ينبغي أن تحض على  استكشاف كل الفرص التي يمنحها إطار التعاون بين بلدينا. فكل مشاريع الاتفاقيات التي لم تنهى تستحق الدراسة بأسرع ما يمكن لتكتمل ويوقع عليها في القريب العاجل.

من ناحية أخرى، إني سعيد أيضا بالفرص التي منحت لبعض الشباب التشاديين لمتابعة دراساتهم العليا في تركيا. وأشكركم السيد الرئيس على روح تضامن بلدكم تجاه تشاد وشبابها.

السيد الرئيس،

إن بلدي تشاد، يمتلك موارد طبيعية هائلة لم يتم استغلالها تمنح فرصا كبيرة للمستثمرين العاملين في القطاعين العام والخاص في مجالات منشآت الطرق، المطارات، والسكة حديد، وكذلك في مجال الثروة الحيوانية، الزراعة، والطاقة.

إن الخبرة والمهارة الواضحة ورؤوس الأموال التركية مطلوبة ومنتظرة في تشاد لتطوير القطاعات المذكورة أعلاه ومصاحبة تشاد في مشاريعها التنموية.

في هذا المنظور، أود أن أدعو الجميع، إلى اتخاذ التدابير الضرورية لتسهيل تفعيل هذه الاتفاقيات الموقعة حول ترقية و حماية  المستثمرين.

السيد الرئيس،

لقد كانت ولا تزال الأزمة الليبية مصدر زعزعة للدول المجاورة لليبيا و للساحل. إن عدم الأمن المبهم وعدم الاستقرار المزمن الموجود في مالي منذ عشرة أعوام، وامتداد الارهاب إلى دول أخرى أعضاء في مجموعة دول غرب إفريقيا، و حوض بحيرة تشاد، هي عواقب مباشرة للأزمة الليبية.

إن جنوب ليببا، أصبح منطقة بلا حق، حيث يمثل بؤرة لمجموعات إرهابية، وعصابات مرتزقة، وعناصر مسلحة غير منتظمة، ومروجي للمخدرات، و أسلحة، وذخيرة، و كائنات بشرية.

إن الاعتداء الشرس والمسلح الذي تعرضت له تشاد ببن الحادي عشر والتاسع والعشرين من أبريل الماضي، قام به معتدون مدججون بالسلاح قدموا من جنوب ليبيا. إن الرئيس السابق، الراحل إدريس ديبي إتنو، قد قتل من قبل هؤلاء المعتدين وأن العناصر الباقية منهم عادت إلى جنوب ليبيا بعد هزيمتهم. إن وجود هؤلاء المرتزقة وعصابات المروجين الأجانب على التراب الليبي، يخدم خليفة حفتر، الذي يمثل تهديدا مضاعفا لليبيا ولجوارها.

لذلك، نحن نعتقد أن حل الأزمة الليبية يكون أيضا عبر انسحاب كل المرتزقة والعناصر المسلحة غير المنتظمة من التراب الليبي. لكن هذا الانسحاب لم يؤطر جيدا وترك تحت مراقبة المجموعة الدولية، ويكون مصدر خطر جديد لزعزعة الإقليم.

في هذا الجانب، فإن تشاد والدول الأخرى المجاورة لجنوب ليبيا، قد ناشدت بضرورة وضع إجراء دولي برعاية الأمم المتحدة  ليشرف على هذا الانسحاب، و تطلب دعم تركيا في هذه المسألة. إن مثل هذا الاجراء يضم ممثلي الدول المجاورة، يستطيع أن يساعد في تحديد، حصر، نزع سلاح وتسريح المرتزقة والعناصر المسلحة غير المنتظمة، بهدف تجهيز ترحيلهم دونما تهديد لبلدانهم الأصلية، وذلك طبقا لطرق وجداول محددة بشكل جيد.

في هذا المنظور، فإن تشاد قد كونت لجنة فنية متخصصة مكلفة للاتصال مع التشاديين في المعارضة المسلحة التي تخلت عن العنف والارتزاق المأجور، بغية تسهيل مشاركتهم في الحوار الوطني الشامل الذي ينظم في إطار الانتقالية السياسية الحالية.

في هذا الشأن، إن خارطة طريق المرحلة الانتقالية أخذت بعين الاعتبار المحادثات مع الحركات السياسية المسلحة، بما في ذلك جانب نزع سلاحها، والتسريح والاندماج والذي ينتظر تمويله من قبل المجموعة الدولية. إن تشاد تأمل في الاعتماد أيضا على الدعم القيم لتركيا في مصاحبة هذه الانتقالية في مختلف مراحلها بدء من تنظيم الحوار الوطني الشامل مرورا بوضع إطار مؤسسي، وتنظيم الاستحقاقات الانتخابية الرئاسية و التشريعية القادمة.

أشكركم على حسن اصغائكم